الاثنين، 16 يناير 2012

الجوهلة: ما بعد العولمة

يواصل الإنسان يوما بعد يوم انقياده للآلة التي استعبدته وأحالت حياته  إلى مجرد خوارزميات صاعدة نازلة وترانزيستورات كالصراصير المنزليه تكثر حركتها ولا تسمع صوتها لكن ضررها بالغ..
لقد تحول الإنسان إلى آلة بفعل معاشرته لها طيلة قرن من الزمن ومن عاشر قوما أربعين يوما أصبح منهم، تغيرت لغته وأفرغت من محتواها القيمي والعاطفي وصارت مجرد رموز وأرقام وحروف مبعثرة لا قيمة جمالية لها،، أصبح مشدودا طيلة الوقت إلى شاشات زاهية الألوان يملأ الزيف تقاسيمها.. لقد صنع الإنسان من المعادن المختلفة آلهة حداثية صار يقدم إليها القرابين ساعات طوال من عمره يولي وجهه شطرها.. يلاطفها، يغازلها، يعبدها.. يستجديها.. وهكذا صار يبتعد شيئا فشيئا عن ذاته.. عن وجوده كمحور للحياة في الكون الفسيح.
لقد عولمت الآلة نمط حياة مادي بحت لم تعرفه حتى الماديات التاريخية العريقة، وقضت على رمزية الحياة وأكسيرها، ففقد الإنسان إنسانيته وتحجرت عواطفه فأصبح كالوحوش البدائية الكاسرة يتفنن في إزهاق أرواح بني جلده والتمثيل بأجسادهم وصار يغير على الآمنين يسلبهم الأمن والرغيف والرغبة في الوجود.. ولم تسلم الطبيعة ومخلوقاتها الأخرى من بطشه..
لقد عاد الإنسان إلى مراحل متقدمة جدا من وجوده فاستلهم من الإنسان البدائي  تلك الطباع والتصرفات الهمجية  وألبسها ثوب الحضارة المادية، فصار أشد فتكا بنفسه وغيره لما طاوع الآلة وسخرها لتنفيذ جهالاته بكل قوة وفاعلية وسرعة ليعود إلى المربع الأول ولكن بتوابل وميكانيزمات متطورة .

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية