السبت، 14 مايو 2011

إرحل




إرحل

إرحل أيها الساكن فينا أبد الدهر
إرحل وخذ عنا أشياءك واذهب بعيدا
ارحل واذهب إلى الجحيم فثمة مثواك الأول

إرحل.. إرحل .. إرحل..

إرحل .. أيها الخوف واهجر ذواتنا فالزمن القادم حل
إرحل .. الآن.. لا تبطئ.. فالجبان صار فحل
إرحل واغرب عنا غروب النجم الآفل.

إرحل.. إرحل .. إرحل

إرحل يا بن الكذا.. لا تنظر وراءك .. لا تخجل؟
إرحل.. لا أقول استقل.. فشعار المرحلة.. إرحل
إرحل بعيدا بعيدا .. إرحل على عجل.

إرحل

التسميات:

الخميس، 5 مايو 2011

فايسبوكيزم facebooquisme

مضى عهد وجاء آخر.. أتذكر أياما من قرن مضى كان أوله كآخره .. كانت تجمعنا الأثافي أمام تنور تفوح منه رائحة الرماد الزكية وكانت القطط الأليفة تسبقنا إليها طلبا لدفء خجول يكاد يدغدغ وجناتنا.. كان البرد المتسلل من كل مكان رفيقنا الدائم نقاومه بحكايات " الغول" و" لونجة" و"خنون" المخادع.. عندما تحكي جدتي تلك المغامرات تتشرع أمام مخاييلنا شاشات عملاقة لأفلام ليست حتما لجامس بوند ولا هي هاري بوتر ولا أفاتار .. أساطير نراها أمامنا تطربنا بحكم حياتية لا نهاية لها.. وا أسفاه... لقد مضى ذلك الزمن..
كنا نرتشف القهوة المنعنعة العذراء المطهوة على جمر العرعار المتقد المستدام .. وكان الزمن أزمانا لا تنتهي .. ننام عندما تنام الشمس ونستيقظ قبلها لنستقبلها صباحا شاهدين على وهجها وجمالها..


كانت الحياة بسيطة بسيطة كالبسيطة العذراء.. وكان الزمن ذا بال طويل طويل نعيش فيه حياة تمتد من الفجر إلى الضحى وأخرى تمتد من الضحى إلى العصر وثالثة تمتد من العصر إلى وقت الغروب حيث نغرب .. نعيش ثلاث مرات في اليوم حتى نشبع الحياة في اليوم ذاته، وكان الموت حدثا عظيما يزورنا في الدهر مرة، يأتي من زمن إلى آخر وتأتى معه طقوس وطوارئ تقضم شهورا من حياتنا.


مضى ذلك العهد وجاء آخر.. ومع الألفيه الجديدة التي أخالها تلفظ أنفاسها قريبا، جاء زمن غريب غريب.. لم يعد هناك أثافي.. أين ذهبت ؟.. لا أنا ولا أحد غيري يعلم.. ربما أخذها الزمن الهارب من بطشنا.. ذهبت مع الماضي .. الماضي كان أصيلا فعندما رحل أخذ معه أشياءه.. التنور أيضا ذهب .. لكن الرماد بقي.. رماد برائحة العفن تشم رائحته ولا تراه..
في زاوية ما من بيتك الإسمنتي الغليظ تجلس نصف واقف نصف جالس .. لا أنت واقف ولا أنت جالس .. أمامك طاولة ( بناشي) لا هي خشبية ولا هي حديدية.. في الألفية الماضية لم نسمع بهذا الزواج الكاثوليكي بين الخشب والحديد.. الخشب خشب والحديد حديد.. فوق الطاولة خيوط وخيوط بألوان وأحجام مختلفة.. آلات كثيرة وعجيبة.


أصوات وأضواء تنبعث من كل مكان تعلوها أصوات الترانزيستورات الغوغائية التي تسعى لتنفيذ أوامرك الديكتاتورية وتتسابق من أجل ذلك.. أمامك شاشة أنيقة تغري هي بمثابة مرآة الألفية الجديدة ترى فيها نفسك وغيرك.. هي تكتم أنفاسك ولا تنبس ببنت شفة، لكنها تتيح لك الفرصة لتكلم العالم وتقول.. أيها العالم.. أنا موجود.. أنا واحد من عائلتك الكبيرة..
في العهد الذي مضى كان عالمك هو المنطقة التي يمكن أن تصل إليها بناظريك عندما تمد بصرك إلى الأفق.. وكان فضاؤك هو المنطقة التي تحدها السماء والأرض عندما يتعانقان غير بعيد عن مسكنك.. أنا شخصيا وقبل أن أرى قبس العلم وقبل أن أركب الطائرة كنت أعتقد أن السماء هي سقف العالم الذي أعيش فيه وهو مطوق بالجبال من كل جانب..


الشاشة تتيح لك فرصة التكلم صامتا مع العالم بنقرات لا تبعث بأي موسيقى وهي أشبه بنقرات دجاجات خالتي وهي تتناول لمجتها المسائية في الخم المجاور لغرفتي.. لكنها تسلبك متعة تناول القهوة مع عادل ومحمد وعبد الله وطارق والآخرون.. كل واحد يشرب قهوته في بيته ..
ما متعة الحديث والسمر الليلي والقهوة قهاوي متباعدة بمسافات ضوئية والفضاء شاشة 40 سم X 30 سم مدرعة ببعض الخيوط وكثير من الجاذبية.. لا زمن لديك مثل السجين تماما لا يهمه أن يكون الصباح صباحا أو مساء أو ثلثا من الليل .. لايهم .. لا يهم إن أشرقت الشمس أو أخذت عطلة مدفوعة الأجر .. لا يهم..


ما الذي يهم إذن.. أنا شخصيا يهمني في هذه اللحظة أن تكف زوجتي الكريمة عن رمقي بنظرات الضجر والغيرة .. لأنها اكتشفت مؤخرا بأن ضرة لها تسللت إلى البيت في غفلة منها واستولت على زاوية استراتيجية وصارت تغريني في كل وقت بل استحوذت علي .. وهذا ما جعلني أطلب من الأمم المتحدة إرسال قبعات زرق إلى بيتي لحفظ السلام .. فالحرب الباردة انتهت بقدوم الصيف.

يوسف بن يزة


* الأثافي: الحجارة التي تجعل تحت القدر مفردها أثفية،
* التنور.. مكان الطهي والتدفئة في المنازل العتيقة

التسميات: